فصل: فَصْلٌ: (تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْحَلِفِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى



.(فَرْعٌ): [مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا فَقَرَأَهُ فِي نَفْسِهِ]:

(مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابًا فَقَرَأَهُ فِي نَفْسِهِ) وَلَمْ يُحَرِّكْ شَفَتَيْهِ بِهِ (حَنِثَ، لِأَنَّهُ قِرَاءَةٌ عُرْفًا) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ حَقِيقَةَ الْقِرَاءَةِ؛ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهَا.

.فَصْلٌ: [تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْحَلِفِ]:

(فِي تَعْلِيقِهِ بِالْحَلِفِ. إذَا قَالَ) لِامْرَأَتِهِ (إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ عَلَّقَهُ) أَيْ: طَلَاقَهَا (بِمَا) أَيْ: شَيْءٍ (فِيهِ حَنِثَ عَلَى فِعْلٍ)، كَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَأَقُومَنَّ؛ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ (أَوْ) عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ (مَنْعٌ) مِنْ فِعْلٍ، كَإِنْ قُمْتُ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ (أَوْ) عَلَّقَهُ بِمَا فِيهِ تَصْدِيقُ خَبَرٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ لَقَدْ قُمْتُ، أَوْ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَصِدْقٌ وَنَحْوُهُ؛ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ (أَوْ) عَلَّقَهُ فِيمَا فِيهِ (تَكْذِيبُهُ) أَيْ: الْخَبَرِ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ كَذِبًا (طَلُقَتْ فِي الْحَالِ) وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ حَلِفًا تَجَوُّزًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ بِالْحَلِفِ، وَهُوَ الْحَثُّ أَوْ الْمَنْعُ أَوْ التَّأْكِيدُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقًا، لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا تَعَذَّرَ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، حُمِلَ عَلَى مَجَازِهِ لِقَرِينَةِ الِاسْتِحَالَةِ، وَ(لَا) تَطْلُق مَنْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِالْحَلِفِ بِهِ (إنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا) أَوْ مَشِيئَةِ غَيْرِهَا (أَوْ) عَلَّقَهُ (بِحَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ أَوْ طُلُوعِ شَمْسٍ أَوْ قُدُومِ حَاجٍّ) وَنَحْوِهِ كَكُسُوفٍ وَهُبُوبِ رِيحٍ وَنُزُولِ مَطَرٍ قَبْلَ وُجُودِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْحَلِفِ بِهِ (وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكِ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعَادَهُ) لَهَا (مَرَّةً) أُخْرَى (فَطَلْقَةٌ) لِأَنَّهُ حَلِفٌ أَوْ كَلَامٌ (وَ) إنْ أَعَادَهُ (مَرَّتَيْنِ فَثِنْتَانِ) (وَ) إنْ أَعَادَهُ (ثَلَاثًا، فَثَلَاثُ) طَلْقَاتٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ يُوجَدُ فِيهَا شَرْطُ الطَّلَاقِ وَيَنْعَقِدُ شَرْطُ طَلْقَةٍ أُخْرَى (مَا لَمْ يَقْصِدْ إفْهَامَهَا فِي) قَوْلِهِ (إنْ حَلَفْتُ) بِطَلَاقِكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ فَلَا يَقَعُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهُ مَنْ عَلَّقَهُ بِالْكَلَامِ بِقَصْدِ إفْهَامِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ كَلَامًا.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ. وَأَخْطَأَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ فِيهَا كَالْأُولَى ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ (وَتَبِينُ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا) إذَا أَعَادَهُ (بِطَلْقَةٍ)؛ فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا (وَلَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ وَلَا الثَّالِثَةُ فِي مَسْأَلَةِ كَلَامٍ) فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، لِأَنَّهَا تَبِينُ بِشُرُوعِهِ فِي كَلَامِهَا، فَلَا يَحْصُلُ جَوَابُ الشَّرْطِ إلَّا وَهِيَ بَائِنٌ؛ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ، فَتَنْعَقِدُ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبِينُ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِهَا، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدُ، ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا، طَلُقَتْ، لِوُجُودِ الْحِنْثِ بِالْيَمِينِ، الْمُنْعَقِدَةِ فِي النِّكَاحِ السَّابِقِ (وَ) لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، وَأَعَادَهُ وَقَعَ) بِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ: الْمَرْأَتَيْنِ (فَأَعَادَهُ بَعْدَ) أَنْ وَقَعَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ (فَلَا طَلَاقَ) لِأَنَّ الْحَلِفَ بِطَلَاقِ الْبَائِنِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ (وَلَوْ نَكَحَ الْبَائِنَ، ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا، طَلُقَتَا أَيْضًا طَلْقَةً طَلْقَةً)، فَتَصِيرُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُطَلَّقَةً طَلْقَتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الثَّانِيَةَ مُنْعَقِدَةٌ فِي حَقِّهِمَا جَمِيعًا. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَأُورِدُ عَلَيْهِ بِأَنَّ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُعَلَّقٌ بِشَرْطِ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا مَعَ طَلَاقِ الْأُخْرَى، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَلِفَيْنِ جُزْءُ عِلَّةٍ لِطَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَكَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ بِطَلَاقِهَا فِي زَمَانٍ يَكُونُ فِيهِ أَهْلًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، كَذَلِكَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِ ضَرَّتِهَا، لِأَنَّهُ جُزْءُ عِلَّةٍ لِطَلَاقِ نَفْسِهَا، وَمِنْ تَمَامِ شَرْطِهِ، فَكَيْفَ يَقَعُ بِهَذِهِ الَّتِي جَدَّدَ نِكَاحَهَا لِلطَّلَاقِ، وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ ضَرَّتِهَا وَهِيَ بَائِنٌ، وَأُجِيبُ عَلَيْهِ بِأَنَّ وُجُودَ الصِّفَةِ كُلِّهَا فِي النِّكَاحِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَيَكْفِي وُجُودُ آخِرِهَا فِيهِ لِيَقَعَ الطَّلَاقُ عَقِبَهُ (وَ) إنْ أَتَى (بِكُلَّمَا بَدَلَ إنْ) بِأَنْ قَالَ: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، وَأَعَادَهُ وَإِحْدَاهُمَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا ثُمَّ أَعَادَهُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا، ثُمَّ نَكَحَ الْبَائِنَ، وَأَعَادَهُ؛ طَلُقَتَا (ثَلَاثًا ثَلَاثًا طَلْقَةً عَقِبَ، طَلَاقِهِ ثَانِيًا، وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا) لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأَوَّلَ لَمْ تَنْحَلَّ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَالْيَمِينُ الثَّانِيَةُ، بَاقِيَةٌ، فَتَكُونُ الْيَمِينُ الثَّالِثَةُ الَّتِي تَكَمَّلَتْ بِحَلِفِهِ عَلَى الَّتِي جَدَّدَ نِكَاحَهَا شَرْطًا لِلْيَمِينِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، فَيَقَعُ بِهَا طَلْقَتَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِنْ أَوْ نَحْوِهَا. فَإِنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى تَنْحَلُّ بِالثَّانِيَةِ؛ لِعَدَمِ اقْتِضَائِهَا التَّكْرَارَ فَتَبْقَى الْيَمِينُ الثَّانِيَةُ فَقَطْ، فَإِذَا أَعَادَهَا وُجِدَ شَرْطُ الثَّانِيَةِ، فَانْحَلَّتْ، وَتَنْعَقِدُ الثَّالِثَةُ.
(وَ) لَوْ قَالَ (لِزَوْجَتَيْهِ حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ، ثُمَّ أَعَادَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا، لَا بِطَلَاقِهِمَا (وَلَوْ قَالَ بَعْدَهُ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ، طَلُقَتْ عَمْرَةُ) لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهِمَا بَعْدَ تَعْلِيقِهِ، طَلَاقَهُمَا عَلَيْهِ (ثُمَّ إنْ قَالَ) بَعْدَهُ (إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَعَمْرَةُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا، بَلْ بِطَلَاقِ عَمْرَةَ وَحْدَهَا (ثُمَّ إنْ قَالَ) بَعْدَهُ (إنْ حَفَلَتْ بِطَلَاقِكُمَا فَحَفْصَةُ طَالِقٌ، طَلُقَتْ حَفْصَةُ) وَحْدَهَا؛ لِوُجُودِ شَرْطِ طَلَاقِهَا؛ وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا، عَمْرَةَ أَوَّلًا وَحَفْصَةَ ثَانِيًا (وَ) إنْ قَالَ (لِمَدْخُولٍ بِهِمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا) فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ (أَوْ) قَالَ كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ (وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ، طَلُقَتَا ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ) لِأَنَّ ذَلِكَ حَلِفٌ بِطَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَحَلِفُهُ بِطَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَقْتَضِي طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ، فَطَلُقَتَا بِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً طَلْقَةً، وَبِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ الْأُخْرَى طَلْقَةً طَلْقَةً (وَإِنْ قَالَ) لَهُمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا (فَهِيَ) طَالِقٌ (أَوْ) قَالَ (فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ وَأَعَادَهُ، فَطَلْقَةٌ طَلْقَةٌ) بِكُلٍّ مِنْهُمَا، لِأَنَّ حَلِفَهُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ إنَّمَا اقْتَضَى طَلَاقَهَا وَحْدَهَا، وَمَا حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إلَّا مَرَّةً؛ فَلَا تَطْلُق إلَّا طَلْقَةً (وَإِنْ قَالَ) لَهُمَا كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا (فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ) وَأَعَادَهُ (فَطَلْقَةٌ) تَقَعُ (بِإِحْدَاهُمَا) تُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (وَ) إنْ قَالَ (لِإِحْدَاهُمَا إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِ ضَرَّتِكِ، فَأَنْتِ، طَالِقٌ ثُمَّ قَالَهُ لِلْأُخْرَى) أَيْ: قَالَ لَهَا مِثْلَ مَا قَالَ لِلْأُولَى (طَلُقَتْ الْأُولَى) لِحَلِفِهِ بِطَلَاقِ ضَرَّتِهَا (فَإِنْ أَعَادَهُ لِلْأُولَى، طَلُقَتْ الْأُخْرَى) لِأَنَّ ذَلِكَ حَلِفُ ضَرَّتِهَا، وَكُلَّمَا أَعَادَهُ لِامْرَأَةٍ طَلُقَتْ الْأُخْرَى إلَى أَنْ يَبْلُغَ ثَلَاثًا، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، فَطَلُقَتْ مَرَّةً، تَطْلُق الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَلِفٍ بِطَلَاقِهَا، لِكَوْنِهِ بَائِنًا، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا أَوْ أَكْثَرَ، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ، لِأَنَّ هَذَا حَلِفٌ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يُوجَدْ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا.
(وَ) لَوْ قَالَ: (إنْ حَلَفْت بِعِتْقِ عَبْدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكِ فَعَبْدِي حُرٌّ طَلُقَتْ) زَوْجَتُهُ؛ لِوُجُودِ شَرْطِ طَلَاقِهَا، وَهُوَ الْحَلِفُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ (ثُمَّ إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ حَلَفْتُ بِعِتْقِكَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، عَتَقَ الْعَبْدُ) لِوُجُودِ شَرْطِ عِتْقِهِ؛ وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ (وَلَوْ قَالَ لَهُ) أَيْ: لِعَبْدِهِ (إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِي فَأَنْتَ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ لَهَا) أَيْ: لِامْرَأَتِهِ (إنْ حَلَفْتُ بِعِتْقِ عَبْدِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، عَتَقَ الْعَبْدُ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ الْحَلِفُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ.
تَتِمَّةٌ:
وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ حَلَفْت بِعِتْقِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ أَعَادَهُ، عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ حَلِفٌ بِعِتْقِهِ.

.فَصْلٌ: [تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ]:

(فِي تَعْلِيقِهِ بِالْكَلَامِ، إذَا قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ كَلَّمْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَحَقَّقِي، أَوْ زَجَرَهَا فَقَالَ: تَنَحَّيْ أَوْ اُسْكُتِي أَوْ مُرِّي) وَنَحْوَهُ اتَّصَلَ ذَلِكَ أَوَّلًا؛ طَلُقَتْ مَا لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى كَلَامِهَا، وَكَذَا لَوْ سَمِعَهَا تَذْكُرُهُ بِسُوءٍ، فَقَالَ الْكَاذِبُ عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ حَنِثَ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ كَلَّمَهَا (أَوْ قَالَ) لَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْكَلَامِ (إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، طَلُقَتْ) بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ خَارِجٌ عَنْ الْيَمِينِ (مَا لَمْ يَنْوِ) كَلَامًا (غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ ذَلِكَ الْكَلَامِ، أَوْ تَرَكَ مُحَادَثَتَهَا، أَوْ الِاجْتِمَاعَ بِهَا، فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِهِ (وَ) إنْ قَالَ: (إنْ بَدَأْتُكِ بِكَلَامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ لَهُ إنَّ بَدَأْتُكَ بِهِ) أَيْ: بِكَلَامٍ (فَعَبْدِي حُرٌّ؛ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ) لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ أَوَّلًا، فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُهُ لَهَا بَعْدَ ابْتِدَاءٍ (إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ) بِأَنْ نَوَى أَنْ لَا يَبْدَأَهَا مَرَّةً أُخْرَى (ثُمَّ إنْ بَدَأَتْهُ) بِكَلَامٍ (حَنِثَ) أَيْ: عَتَقَ عَبْدُهَا؛ لِوُجُودِ الصِّفَةِ: (وَإِنْ بَدَأَهَا) بِكَلَامٍ بَعْدَ قَوْلِهَا: إنْ بَدَأْتُكَ بِكَلَامٍ فَعَبْدِي حُرٌّ (انْحَلَّتْ يَمِينُهَا) لِمَا سَبَقَ (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ: طَلَاقَهَا (بِكَلَامِهَا زَيْدًا) كَأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَكَلَّمَتْهُ) أَيْ: زَيْدًا (فَلَمْ يَسْمَعْ) زَيْدٌ كَلَامَهَا (لِغَفْلَةِ) زَيْدٍ (أَوْ شَغْلٍ) عَنْهَا (وَنَحْوِهِ) كَخَفْضِ صَوْتِهَا أَوْ صِيَاحٍ، وَكَانَتْ مِنْهُ بِحَيْثُ لَوْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا سَمِعَهَا؛ حَنِثَ (أَوْ) كَلَّمَتْهُ (وَهُوَ) أَيْ: زَيْدٌ مَجْنُونٌ أَوْ (سَكْرَانُ) وَهِيَ مَجْنُونَةٌ (أَوْ سَكْرَى) غَيْرُ مَصْرُوعَيْنِ (أَوْ) كَلَّمَتْهُ وَهُوَ (أَصَمُّ يَسْمَعُ لَوْلَا الْمَانِعُ) حَنِثَ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ (أَوْ كَاتَبَتْهُ) أَيْ: زَيْدًا (أَوْ رَاسَلَتْهُ، وَلَمْ يَنْوِ) مُعَلِّقٌ (مُشَافَهَتَهَا) لَهُ بِالْكَلَامِ، حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ صِحَّةِ اسْتِثْنَائِهِ مِنْهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} لِأَنَّ الْقَصْدَ بِيَمِينِهِ هِجْرَانُهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ مَعَ مُوَاصَلَتِهِ بِالْكِتَابِ وَالرَّسُولِ، وَلَوْ حَلَفَ لَتُكَلِّمَنَّ زَيْدًا لَمْ يَبْرَأْ بِكِتَابَتِهِ، وَلَا مُرَاسَلَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كَلَامًا حَقِيقَةً (أَوْ كَلَّمَتْ غَيْرَهُ) أَيْ: غَيْرَ زَيْدٍ (وَزَيْدٌ يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ) أَيْ: الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِالْكَلَامِ (حَنِثَ) لِأَنَّهَا قَصَدَتْهُ وَسَمَّعَتْهُ كَلَامَهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ خَاطَبَتْهُ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ لَا تَسْلِيمَ صَلَاةٍ، إنْ لَمْ تَقْصِدْهُ، أَمَّا لَوْ أَرْسَلَتْ إنْسَانًا يَسْأَلُ أَهْلَ الْعِلْمِ عَنْ مَسْأَلَةٍ أَوْ حَدِيثٍ، وَجَاءَ الرَّسُولُ فَسَأَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ؛ لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ، لِأَنَّهَا لَمْ تَقْصِدْهُ بِإِرْسَالٍ، وَكَذَا (لَا) يَحْنَثُ (إنْ كَلَّمَتْهُ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ نَائِمًا) لِأَنَّ التَّكَلُّمَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى إلَى الْمُكَلِّمِ؛ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي حَالٍ يُمْكِنُهُ الِاسْتِمَاعُ فِيهَا (أَوْ) كَلَّمَتْهُ (وَهِيَ مَجْنُونَةٌ) فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهَا لَا قَصْدَ لَهَا (أَوْ كَلَّمَتْهُ) وَهِيَ (مُكْرَهَةٌ) فَلَا حِنْثَ؛ لِمَا سَبَقَ (أَوْ أَشَارَتْ لَهُ) أَيْ: زَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ كَلَامًا شَرْعًا.
(وَ) مَنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ (إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا، فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُمَا (وَاحِدًا) بِأَنْ كَلَّمَتْ وَاحِدَةٌ زَيْدًا، وَالْأُخْرَى عَمْرًا (طَلُقَتَا) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهُمَا عَلَى كَلَامِهِمَا، وَقَدْ وُجِدَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ قَاعِدَةٍ، وَهِيَ أَنَّا. (إذَا وَجَدْنَا جُمْلَةً ذَاتَ عَدَدٍ مُوَزَّعَةً عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى فَهَلْ يَتَوَزَّعُ أَفْرَادُ الْجُمَلِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَى أَفْرَادِ الْأُخْرَى أَوْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهَا عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى)؟ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، فَمِثَالُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى، فَيُقَابَلُ كُلُّ فَرْدٍ كَامِلٍ بِفَرْدٍ يُقَابِلُهُ، إمَّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ، أَوْ دَلَالَةِ الشَّرْعِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِمَّا لِاسْتِحَالَةِ مَا سِوَاهُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَإِذَا أَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا طَلُقَتْ لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِ كُلِّ وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ وَ(كَمَا لَوْ قَالَ) لَهُمَا (إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا أَوْ لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا) فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَرَكِبَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَابَّتَهَا، وَلَبِسَتْ ثَوْبَهَا؛ طَلُقَتْ، أَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا، أَوْ لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا، أَوْ تَقَلَّدْتُمَا بِسَيْفَيْكُمَا، أَوْ دَخَلْتُمَا بِزَوْجَتَيْكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ، فَمَتَى وُجِدَ كُلُّ وَاحِدٍ رَكِبَ دَابَّتَهُ أَوْ لَبِسَ ثَوْبَهُ أَوْ تَقَلَّدَ بِسَيْفِهِ أَوْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ؛ تَرَتَّبَ عَلَيْهِمَا الْعِتْقُ؛ لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَذَا عُرْفِيٌّ، وَفِي بَعْضِهِ كَالدُّخُولِ بِالزَّوْجَةِ شَرْعِيٌّ، فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي: وَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ قَالَ) لِزَوْجَتَيْهِ (إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أَوْ كَلَّمْتُمَا عَمْرًا فَ) أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، وَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا؛ فَلَا تَطْلُقَانِ (حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ؛ طَلَاقَهُمَا بِكَلَامِهِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
القسم الثَّانِي:
أَنْ لَا يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِ التَّوْزِيعَيْنِ، فَهَلْ يُحْمَلُ التَّوْزِيعُ عِنْدَ هَذَا الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي؟ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُوَزَّعُ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَمَسْأَلَةُ الْمُوَفَّقِ هُنَا مِنْ الْقَاعِدَةِ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ لَكِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَا خِلَافُ مَا قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. (وَيَتَّجِهُ فِ) يمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ (لَا ضَرَبْت زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، أَنَّهُ لَا حِنْثَ بِضَرْبِ أَحَدِهِمَا) أَيْ: زَيْدٍ وَعَمْرٍو؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُق بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْتُ وَقَعَدْتُ إلَّا بِوُجُودِهِمَا (بِلَا نِيَّةٍ أَوْ سَبَبٍ) أَمَّا إنْ نَوَى بِقَوْلِهِ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا؛ فَتَطْلُق بِضَرْبِهِ، أَوْ كَانَ ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِي ضَرْبَ أَحَدِهِمَا؛ فَتَطْلُق بِحُصُولِهِ (وَ) يَتَّجِهُ (أَنَّهُ يَحْنَثُ) قَائِلُ ذَلِكَ بِضَرْبِ أَحَدِهِمَا (إنْ أَعَادَ الْعَامِلَ) بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا ضَرَبْتُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا؛ لِأَنَّ لَا هُنَا بِمَعْنَى إنْ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ ضَرَبْتُ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا وَمُحَمَّدًا مَعَ خَالِدٍ؛ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تُكَلِّمَهُ) أَيْ: زَيْدًا، (وَ) يَكُونُ تَكْلِيمُهَا إيَّاهُ فِي حَالِ كَوْنِ (مُحَمَّدٍ) فِيهَا (مَعَ خَالِدٍ) لِأَنَّهَا حَالٌ مِنْ الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَمَتَى أَمْكَنَ جَعْلُ الْكَلَامِ مُتَّصِلًا كَانَ أَوْلَى. (وَيَتَّجِهُ) هَذَا إلَى أَنْ أَتَى بِمُحَمَّدٍ مَرْفُوعًا (وَ) أَمَّا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَمُحَمَّدًا إلَى آخِرِهِ (بِنَصْبِ مُحَمَّدٍ؛ فَلَا بُدَّ مِنْ تَكْلِيمِ الثَّلَاثَةِ) إمَّا جُمْلَةً أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (إنْ كَلَّمْتنِي إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ) فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ قَبْلَ قُدُومِهِ، حَنِثَ (أَوْ) قَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْتنِي (حَتَّى يَقْدَمَ) زَيْدٌ (فـَ) أَنْتِ (طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ قَبْلَ قُدُومِهِ؛ حَنِثَ) وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ الْغَايَةَ رَجَعَتْ إلَى الْكَلَامِ لَا إلَى الطَّلَاقِ (فَإِنْ قَالَ أَرَدْتُ أَنَّ اسْتِدَامَةَ تَكْلِيمِي مِنْ الْآنَ إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ دِينَ، وَقُبِلَ حُكْمًا) لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ، فَعَلَى هَذَا إنْ قَطَعَتْ الْكَلَامَ؛ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ أَعَادَتْهُ؛ لِعَدَمِ الِاسْتِدَامَةِ، لَكِنْ لَعَلَّ الْمُرَادَ الِاسْتِدَامَةُ عُرْفًا، لَا حَالَ صَلَاةٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ نَحْوِهِمَا.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَنَهَاهَا فَخَالَفَتْهُ.، وَلَا نِيَّةَ) لَهُ تُخَالِفُ ظَاهِرَ أَلْفَاظِهِ (لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَتَهُمَا) أَيْ: الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ لَا أَمْرَهُ، (وَ) إنْ قَالَ لَهَا، (إنْ نَهَيْتُك فَخَالَفْتنِي) فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَأَمَرَهَا) بِشَيْءٍ (وَخَالَفَتْهُ؛ لَمْ يَحْنَثْ فِي قِيَاسِ) الْمَسْأَلَةِ (الَّتِي قَبْلَهَا) وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ لِأَنَّهَا خَالَفَتْ أَمْرَهُ، لَا نَهْيَهُ (إلَّا بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الْمُخَالَفَةِ) فَيَحْنَثُ بِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ.
(وَ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (إنْ نَهَيْتِينِي عَنْ نَفْعِ أُمِّي) فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَقَالَتْ لَهُ لَا تُعْطِهَا مِنْ مَالِي شَيْئًا؛ لَمْ يَحْنَثْ لِذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مُحَرَّمٌ، فَلَا تَتَنَاوَلُهُ يَمِينُهُ. فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْإِذْنِ فِي الْخُرُوجِ وَالْقُرْبَانِ (إذَا قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (إنْ خَرَجْت بِلَا إذْنٍ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) إنْ خَرَجْتِ (إلَّا بِإِذْنِي) فَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) إنْ خَرَجْتِ (حَتَّى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَأْذَنْ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ، طَلُقَتْ، لِوُجُودِ الصِّفَةِ (أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ ثُمَّ نَهَاهَا) ثُمَّ خَرَجَتْ، وَلَمْ يَأْذَنْ بَعْدَ نَهْيِهِ؛ طَلُقَتْ لِخُرُوجِهَا بَعْدَ نَهْيِهَا بِلَا إذْنِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخُرُوجَ بِمَنْزِلَةِ خُرُوجٍ ثَانٍ (أَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُرُوجِ وَلَمْ تَعْلَمْ) بِإِذْنِهِ، فَخَرَجَتْ؛ طَلُقَتْ (أَوْ أَذِنَ) لَهَا (وَعَلِمَتْهُ) (فَخَرَجَتْ ثُمَّ خَرَجَتْ) ثَانِيًا (بِلَا إذْنِهِ؛ طَلُقَتْ) لِخُرُوجِهَا بِلَا إذْنِهِ، وَ(لَا) يَحْنَثُ بِخُرُوجِهَا (إنْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ) أَيْ: الْخُرُوجِ (كُلَّمَا شَاءَتْ) نَصًّا، لِأَنَّ خُرُوجَهَا بِإِذْنِهِ، مَا لَمْ يُجَدِّدْ حَلِفًا أَوْ يَنْهَاهَا (أَوْ قَالَ) لَهَا إنْ خَرَجْتِ (إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ) فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَمَاتَ زَيْدٌ، ثُمَّ خَرَجَتْ) فَلَا حِنْثَ خِلَافًا لِلْقَاضِي (وَإِنْ) قَالَ لَهَا (إنْ خَرَجْتِ إلَى غَيْرِ حَمَّامٍ بِلَا إذْنِي) فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَخَرَجَتْ لَهُ) أَيْ: الْحَمَّامِ (وَلِغَيْرِهِ أَوْ) خَرَجَتْ (لَهُ ثُمَّ بَدَا لَهَا غَيْرُهُ) كَالْمَسْجِدِ أَوْ دَارَ أَهْلِهَا (طَلُقَتْ) لِأَنَّ ظَاهِرَ يَمِينِهِ مَنْعُهَا مِنْ غَيْرِ الْحَمَّامِ فَكَيْفَ مَا صَارَتْ إلَيْهِ حَنِثَ، كَمَا لَوْ خَالَفَتْ لَفْظَهُ (وَمَتَى قَالَ) مَنْ حَلَفَ لَا تَخْرُجُ زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَخَرَجَتْ (كُنْتُ أَذِنْتُ) فِي خُرُوجِهَا (وَأَنْكَرَتْهُ) الزَّوْجَةُ (قُبِلَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ) لَا بِدُونِهَا؛ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهَا (إنْ قَرُبْت) بِضَمِّ الرَّاءِ (دَارَ كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ؛ وَقَعَ) الطَّلَاقُ (بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا) أَيْ: الدَّارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا (وَلُصُوقِهَا) أَيْ: الْمَرْأَةِ (بِجِدَارِهَا) أَيْ: الدَّارِ إنْ قَالَ لَهَا إنْ قَرِبْتِ دَارَ كَذَا (بِكَسْرِ رَاءٍ قَرِبَتْ؛ لَمْ يَقَعْ) عَلَيْهِ الطَّلَاقُ (حَتَّى تَدْخُلَهَا) أَيْ: الدَّارَ، لِأَنَّ مُقْتَضَاهَا ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: سَمِعْت الشَّاشِيَّ يَقُولُ: إذَا قِيلَ: لَا تَقْرَبْ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَانَ مَعْنَاهَا لَا تَتَلَبَّسْ بِالْفِعْلِ، وَإِذَا كَانَ بِالضَّمِّ فَمَعْنَاهُ لَا تَدْنُ مِنْهُ. انْتَهَى.
وَمَاضِي الْمَفْتُوحِ قَرِبَ بِالْكَسْرِ مِنْ بَابِ عَلِمَ، وَالْمَضْمُومُ قَرُبَ بِضَمِّهَا مِنْ بَابِ ظَرُفَ. فَصْلٌ فِي تَعْلِيقِهِ بِالْمَشِيئَةِ أَيْ الْإِرَادَةِ (إذَا قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ) شِئْت (أَوْ إذَا) شِئْتِ (أَوْ مَتَى) شِئْتِ (أَوْ أَنَّى) شِئْتِ (أَوْ كَيْفَ) شِئْتِ (أَوْ حَيْثُ) شِئْتِ (أَوْ أَيَّ وَقْتٍ شِئْتِ فَشَاءَتْ بِلَفْظٍ مُنَجَّزٍ) لَا مُعَلَّقٍ وَلَا تَكْفِي مَشِيئَتُهَا بِقَلْبِهَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْقَلْبِ لَا يُعْلَمُ حَتَّى يُعَبَّرَ عَنْهُ بِاللِّسَانِ، فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِمَا يَنْطِقُ بِهِ دُونَ مَا فِي الْقَلْبِ، فَإِذَا قَالَتْ شِئْتُ (وَلَوْ) كَانَتْ (كَارِهَةً) وَقَعَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ، وَعِبَارَتُهُ فِي التَّنْقِيحِ وَالْإِنْصَافِ مُكْرَهَةً، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ مُلْغًى (أَوْ) كَانَتْ مَشِيئَتُهَا (بَعْدَ تَرَاخٍ أَوْ) بَعْدَ (رُجُوعِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ عَنْ تَعْلِيقِهِ بِهَا (وَقَعَ) الطَّلَاقُ، لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ عُلِّقَ عَلَى الْمَشِيئَةِ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْمُعْتَقِ، وَالتَّعْلِيقُ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ لِلُزُومِهِ.
وَ(لَا) يَقَعُ (إنْ قَالَتْ شِئْتُ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ) نَصًّا، نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ (أَوْ قَالَتْ شِئْتُ إنْ شِئْتُ أَوْ) قَالَتْ شِئْتُ إنْ شِئْتَ إنْ (شَاءَ أَبِي وَلَوْ شَاءَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَشِيئَةٌ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهَا تَعْلِيقٌ بِمَشِيئَتِهَا بِشَرْطٍ، وَلَيْسَ بِمَشِيئَةٍ، لَا يُقَالُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَجَبَ أَنْ يُوجَدَ مَشْرُوطُهُ، لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ أَمْرٌ خَفِيٌّ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا عَلَى شَرْطٍ، وَوَجْهُ الْمُلَازَمَةِ إذَا صَحَّ التَّعْلِيقُ فَإِنْ رَجَعَ الزَّوْجُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ قَبْلَ مَشِيئَتِهَا، لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ كَبَقِيَّةِ التَّعَالِيقِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنْ قَيَّدَ الْمَشِيئَةَ بِوَقْتٍ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ تَقَيَّدَ بِهِ، فَإِنْ خَرَجَ الْيَوْمَ قَبْلَ مَشِيئَتِهَا؛ لَمْ تَطْلُقْ، لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَا أَثَرَ لِمَشِيئَتِهَا بَعْدُ (وَ) إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى مَشِيئَةِ اثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوكِ) لَمْ يَقَعْ حَتَّى تُوجَدَ مَشِيئَتُهُمَا (أَوْ) قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ (زَيْدٌ وَعَمْرٌو؛ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَشَاءَا) وَلَوْ شَاءَ أَحَدُهُمَا فَوْرًا وَالْآخَرُ مُتَرَاخِيًا؛ وَقَعَ لِوُجُودِ مَشِيئَتَيْهِمَا جَمِيعًا (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ) زَيْدٌ وَلَوْ كَانَ (مُمَيِّزًا يَعْقِلُهَا) أَيْ: الْمَشِيئَةَ حِينَهَا (أَوْ) كَانَ (سَكْرَانَ أَوْ شَاءَ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ مِمَّنْ خَرِسَ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ) فَشَاءَ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ؛ لِصِحَّتِهِ مِنْ مُمَيِّزٍ يَعْقِلُهُ وَسَكْرَانَ وَمِنْ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ، وَرَدَّهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي السَّكْرَانِ قَالَا: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّهُ زَائِلُ الْعَقْلِ أَشْبَهَ الْمَجْنُونَ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ إيقَاعِ طَلَاقِهِ وَبَيْنَ الْمَشِيئَةِ أَنَّ إيقَاعَهُ عَلَيْهِ إذَا صَدَرَ مِنْهُ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا تَكُونَ الْمَعْصِيَةُ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُ، وَهُنَا إنَّمَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِهِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وإغَاثَةِ اللَّهْفَانِ وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَ(لَا) يَقَعُ الطَّلَاقُ (إنْ مَاتَ زَيْدٌ أَوْ غَابَ أَوْ جُنَّ قَبْلَهَا) أَيْ: الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ. (وَيَتَّجِهُ) أَنْ مَحَلَّ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ (مَا لَمْ يَحْضُرْ) زَيْدٌ الْغَائِبُ وَيَشَأْ أَوْ مَا لَمْ (يُفِقْ) مِنْ جُنَّ (وَيَشَأْ) فَأَمَّا إنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَشَاءَ، أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنَّ وَشَاءَ؛ فَلَا رَيْبَ فِي وُقُوعِهِ؛ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَلَوْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ) فُلَانٌ (فَمَاتَ) فُلَانٌ (أَوْ جُنَّ أَوْ أَبَاهَا) أَيْ الْمَشِيئَةَ، (وَقَعَ) الطَّلَاقُ (إذَنْ) لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ، وَعَلَّقَهُ بِشَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَلَا يُفِيدُ لَوْ أَفَاقَ) مَنْ جُنَّ (وَشَاءَ) بَعْدَ إفَاقَتِهِ عَدَمَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ مِنْ حِينِ جُنُونِهِ؛ فَلَا يَرْتَفِعُ بِإِفَاقَتِهِ حِينَ يَفْتَقِرُ إلَى الْمَشِيئَةِ وَعَدَمِهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (وَإِنْ خَرِسَ) فُلَانٌ (وَفُهِمَتْ إشَارَتُهُ فَكَنُطْقِهِ) لِقِيَامِهَا مَقَامَهُ، وَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ لَمْ تَطْلُقْ.
قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْت: وَكَذَا كِتَابَتُهُ (وَإِنْ نَجَّزَ) طَلْقَةً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ؛ طَلْقَةً إلَّا أَنْ تَشَائِي أَوْ يَشَاءَ زَيْدٌ ثَلَاثًا (أَوْ عَلَّقَ طَلْقَةً) فَقَالَ: إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إنْ (تَشَأْ هِيَ؛ أَوْ يَشَأْ زَيْدٌ ثَلَاثًا، أَوْ) نَجَّزَ أَوْ عَلَّقَ (ثَلَاثًا) بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، أَوْ إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا (إلَّا أَنْ تَشَاءَ) وَاحِدَةً (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَشَاءَ) زَيْدٌ (وَاحِدَةً، فَشَاءَتْ) هِيَ (أَوْ شَاءَ) زَيْدٌ (ثَلَاثًا فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى، وَقَعَتْ) الثَّلَاثُ؛ لِوُجُودِ شَرْطِهَا (كَوَاحِدَةٍ) أَيْ: كَمَا يَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ شَاءَتْ هِيَ أَوْ زَيْدٌ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الثَّانِيَةِ) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى صِيغَتِهِ. (وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَلَا تُوطَأُ) زَوْجَةٌ مَقُولٌ لَهَا ذَلِكَ (قَبْلَ. مَشِيئَةٍ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا، لِاحْتِمَالِ حُصُولِ الْمَشِيئَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ: يَشْعُرَ، فَيُفْضِيَ إلَى الْوُقُوعِ بِالْمُحَرَّمِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَإِنْ) لَمْ تَشَأْ هِيَ أَوْ (شَاءَتْ) ثِنْتَيْنِ (أَوْ) لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ شَيْئًا (أَوْ شَاءَ زَيْدٌ ثِنْتَيْنِ) أَيْ: طَلْقَتَيْنِ فِي (الْمَسْأَلَتَيْنِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشَاءَا) أَيْ: هِيَ وَزَيْدٌ؛ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهَا، وَيَقَعُ ثَلَاثٌ فِي الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاحِدَةِ لَمْ يُوجَدْ، وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى هُنَا غُمُوضٌ (وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ؛ وَلَا نِيَّةَ تُخَصِّصُ) الْعِتْقَ أَوْ الطَّلَاقَ (فَشَاءَهُمَا) زَيْدٌ أَيْ: الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ (وَقَعَا) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَإِلَّا) يَشَأْهُمَا بِأَنْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا أَوْ شَاءَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ (لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ) لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ وَالْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ وَلِيَهُمَا التَّعْلِيقُ، فَتَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى مَشِيئَتِهِمَا، وَلَا يَحْصُلُ بِمَشِيئَةِ أَحَدِهِمَا (وَيَتَّجِهُ فِي) قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْتِ وَعَبْدِي حُرٌّ) وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ شِئْتِ يَكُونُ قَوْلُهُ ذَلِكَ (تَنْجِيزًا لِعِتْقِ) عَبْدِهِ، لَا تَعْلِيقًا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ (مَا لَمْ يُرِدْ تَعْلِيقَهُ) فَإِنْ أَرَادَ تَعْلِيقَهُ لَمْ يَقَعْ إلَّا بِمَشِيئَتِهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَإِنْ حَلَفَ) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَا يَفْعَلُ كَذَا إنْ شَاءَ زَيْدٌ؛ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ) زَيْدٌ (أَنْ لَا يَفْعَلَهُ) الْحَالِفُ لِتَعْلِيقِ حَلِفِهِ عَلَى ذَلِكَ (وَ) إنْ حَلَفَ (لَيَفْعَلَنَّهُ الْيَوْمَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ) زَيْدٌ (وَلَمْ يَفْعَلْهُ) أَيْ: مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (فِي) ذَلِكَ (الْيَوْمِ؛ حَنِثَ) بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ لِفَوَاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (فَإِنْ) كَانَ شَاءَ زَيْدٌ، وَ(لَمْ يَعْلَمْ) الْحَالِفُ (مَشِيئَتَهُ) أَيْ: زَيْدٍ (لِغَيْبَتِهِ أَوْ جُنُونِهِ أَوْ مَوْتِهِ؛ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ) أَيْ: لَمْ تَنْعَقِدْ، لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. (وَيَتَّجِهُ) انْحِلَالُ الْيَمِينِ بِذَلِكَ إنْ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ (لَا) إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ (فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ إنْ بَانَ مَشِيئَتُهُ) أَيْ: زَيْدٍ بِأَنْ حَضَرَ مِنْ غِيبَتِهِ، أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ، أَوْ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ شَاءَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَشِيئَتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَنَحْوِهِ؛ فَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ (وَ) إنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى شَيْءٍ (لَيَفْعَلَنَّهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، فَفَعَلَ) ذَلِكَ الشَّيْءَ (قَبْلَ مَشِيئَةِ زَيْدٍ، بَرَّ) لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ (وَالْمَشِيئَةُ أَنْ يَقُولَ) زَيْدٌ (بِلِسَانِهِ قَدْ شِئْتُ) أَنْ لَا تَفْعَلَ كَذَا، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِغَيْرِ إذْنِ زَيْدٍ، وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ: قَدْ شِئْتُ أَنْ نَفْعَلَ، أَوْ قَالَ: مَا شِئْتُ أَنْ لَا تَفْعَلَ؛ لَمْ تَنْحَلَّ، فَيَحْنَثُ إنْ فَعَلَ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِإِذْنِ زَيْدٍ، فَإِنْ خَفِيَتْ مَشِيئَتُهُ لَزِمَهُ الْفِعْلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا، وَمَعْنَى لُزُومِهِ لَهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ لَا حِنْثَ، فَلَا كَفَّارَةَ، وَإِنْ تَرَكَهُ كَفَّرَ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ.
(وَ) إنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ (يَا طَالِقُ) إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَقَالَ إنَّهُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ (أَنْتِ طَالِقٌ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ: (عَبْدِي حُرٌّ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ: (لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ أَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ) بِأَنْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ عَبْدِي حُرٌّ، وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ (أَوْ قَالَ) يَا طَالِقُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي، أَوْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ (إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ) يَشَأْ (أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ، وَقَعَا) أَيْ: الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ نَصًّا، (وَلَزِمَ الْإِقْرَارُ) لِمَا رَوَى أَبُو حَمْزَةَ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَهِيَ طَالِقٌ. رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كُنَّا مَعْشَرَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَرَى الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزًا فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.
قَالَ قَتَادَةُ قَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ حِينَ أَذِنَ فِيهِ أَنْ يُطَلِّقَ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا لَمْ تُعْلَمْ الْمَشِيئَةَ، لَكِنْ قَدْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ يَسْتَحِيلُ عِلْمُهُ، فَيَكُونُ كَتَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُسْتَحِيلَاتِ، تَلْغُو وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ، وَلِأَنَّهُ إنْ شَاءَ حَكَمَ فِي مَحَلٍّ، فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِالْمَشِيئَةِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّهُ يُقْصَدُ بِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ تَأْكِيدَ الْوُقُوعِ.
وَ(لَا) يَقَعُ عَلَيْهِ (ظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ وَيَمِينٌ) بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَحْوُهُ، إنْ فَعَلْت كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِهِ لِأَنَّهُ مَتَى قَالَ: لَأَفْعَلَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَتَى شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ، وَمَتَى لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ (وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَوَاللَّهِ لَا وَاكَلْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، عَادَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهَا) أَيْ: الْحَرَامِ وَالْيَمِينِ، (فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَلَا يَحْنَثُ بِمُؤَاكَلَتِهَا، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ. «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» رَوَاه أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ يَصِحُّ فِي كُلِّ يَمِينٍ تَدْخُلُهَا الْكَفَّارَةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِالظِّهَارِ أَوْ بِالنَّذْرِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَرَامَ ظِهَارٌ، وَمَحَلُّ عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِمَا (مَا لَمْ يُرِدْ أَحَدُهُمَا) فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا عَادَ إلَيْهِ، فَلَوْ أَرَادَ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْيَمِينِ فَوَاكَلَهَا صَارَ مُظَاهِرًا، عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ، وَلَوْ أَرَادَ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْحَرَامِ، حَنِثَ بِمُؤَاكَلَتِهَا، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (إنْ قُمْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ لَهَا (إنْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ طَالِقٌ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ لِأَمَتِهِ مَثَلًا إنْ قُمْتِ أَوْ لَمْ تَقُومِي فَأَنْتِ (حُرَّةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ) قَالَ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ) إنْ قُمْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَقُومِي إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَا قُمْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ (حُرَّةٌ إنْ قُمْتِ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) أَنْتِ حُرَّةٌ (إنْ لَمْ تَقُومِي) إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) أَنْتِ حُرَّةٌ (لَتَقُومِينَ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (أَوْ) أَنْتِ حُرَّةٌ، (لَا قُمْتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ، لَمْ يَقَعْ) الطَّلَاقُ (بِهِ) أَيْ: بِفِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ بِتَرْكِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا يَمِينٌ؛ إذْ هُوَ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ، فَإِذَا أَضَافَهُ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ آنِفًا، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لَمْ يَحْنَثْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَقَالَ: فَلَهُ ثُنْيَاهُ، فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لَمْ تَطْلُقْ دَخَلَتْ أَوْ لَمْ تَدْخُلْ، لِأَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ فَقَدْ فَعَلَتْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَشَأْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَهُ لَوُجِدَ، فَإِنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ (وَإِلَّا) يَنْوِ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ أَوْ الْعَتَاقُ كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْفِعْلَ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ نِيَّتُهُ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الدُّخُولِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الطَّلَاقِ، وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ. غَرِيبَةٌ: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ أَتَزَوَّجُكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَتَزَوَّجَهَا، لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَشْتَرِيكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَاشْتَرَاهُ، عَتَقَ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَى زَيْدٍ أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِقِيَامِكِ وَنَحْوِهِ) كَسَوَادِكِ وَبَيَاضِكِ أَوْ سُوءِ خُلُقِكِ أَوْ سِمَنِكِ وَشِبْهِهِ (يَقَعُ) الطَّلَاقُ (فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ إيقَاعٌ مُعَلَّلٌ بِعِلَّةٍ؛ كَقَوْلِهِ هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، أَوْ لِرِضَى اللَّهِ، وَكَذَا لِدُخُولِ الدَّارِ (مَا لَمْ يَقُلْ أَرَدْت الشَّرْطَ) فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الشَّرْطَ، دِينَ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ (وَيُقْبَلُ) مِنْهُ (حُكْمًا) لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ (لِقُدُومِ زَيْدٍ) فَلَا تَطْلُق حَتَّى يَقْدَمَ زَيْدٌ؛ لِأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلتَّأْقِيتِ نَظِيرُهَا قَوْله تَعَالَى: {أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إلَى غَسَقِ اللَّيْلِ} (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِغَدٍ) فَلَا تَطْلُق حَتَّى يَأْتِيَ الْغَدُ (أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (لِحَيْضِكِ) هِيَ طَاهِرٌ (فـَ) لَا تَطْلُق (حَتَّى يَأْتِيَ) وَقْتُ حَيْضِهَا وَتَحِيضُ لِمَا سَبَقَ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (إنْ رَضِيَ أَبُوكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبَى) أَبُوهَا أَيْ: قَالَ: لَا أَرْضَى بِذَلِكَ (ثُمَّ رَضِيَ) بَعْدَ إبَائِهِ (وَقَعَ) الطَّلَاقُ، لِأَنَّ الشَّرْطَ مُطْلَقٌ، فَهُوَ مُتَرَاخٍ (وَ) إنْ قَالَ لَهَا (أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَنْ يُعَذِّبَكِ اللَّهُ بِالنَّارِ، أَوْ إنْ كُنْتِ تَبْغُضِينَ الْجَنَّةَ أَوْ) إنْ كُنْتِ تَبْغُضِينَ (الْحَيَاةَ) أَوْ الطَّعَامَ اللَّذِيذَ وَالْعَافِيَةَ (فَقَالَتْ أُحِبُّ) التَّعْذِيبَ بِالنَّارِ (أَوْ) قَالَتْ (أَبْغُضُ) الْجَنَّةَ أَوْ الْحَيَاةَ وَنَحْوَهُمَا (لَمْ تَطْلُقْ إنْ قَالَتْ كَذَبْت) لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَادَةً؛ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْتِ تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ فِي خُرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ أَعْتَقِدُهُ، فَإِنَّ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ؛ فَإِنْ لَمْ تَقُلْ كَذَبْت، فَقَالَ الْقَاضِي تَطْلُق، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ ووَالْحَاوِ. (وَيَتَّجِهُ) تَقْيِيدُ عَدَمِ طَلَاقِهَا (بِمَا لَمْ تَتَّصِلْ) أَيْ: بِمُدَّةِ عَدَمِ اتِّصَالِهَا (بِأَزْوَاجٍ) أَيْ: بِزَوْجٍ، وَالْمُرَادُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ قِيَاسًا لَهُ عَلَى الْإِرْثِ، فَإِنَّهَا إذَا طَلُقَتْ بَائِنًا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ تَرِثُ مُطَلِّقَهَا، مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ (طَالِقٌ إنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ) زَيْدًا (أَوْ) إنْ كُنْتِ؟ (تَبْغُضِينَ زَيْدًا، فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ؛ طَلُقَتْ، وَلَوْ كَذَبَتْ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) لَوْ قَالَ لَهَا: (إنْ كَانَ أَبُوكِ يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَ: مَا رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ رَضِيتُ طَلُقَتْ) لِتَعْلِيقِهِ عَلَى رِضًى مُسْتَقْبَلٍ، وَقَدْ وُجِدَ، وَ(لَا) تَطْلُق (إنْ قَالَ) لَهَا (إنْ كَانَ أَبُوكِ رَاضِيًا بِهِ) أَيْ بِمَا فَعَلْتِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَ مَا رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ: رَضِيتُ؛ لِأَنَّهُ مَاضٍ (وَتَعْلِيقُ عِتْقٍ كَطَلَاقٍ) فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسَائِلِ التَّعْلِيقِ (وَيَصِحُّ) تَعْلِيقُ الْعِتْقِ (بِالْمَوْتِ) وَهُوَ التَّدْبِيرُ لِلْخَبَرِ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْمَوْتِ وَتَقَدَّمَ.